لماذا لا يزال القضاة في بريطانيا يرتدون ” الباروكة ” في القرن الـ21 ؟

يعود تاريخ ارتداء الشعر المستعار في محاكم المملكة المتحدة، إلى القرن 17. و خلال هذا الوقت، لم يكن الشعر المستعار ( الباروكة ) يقتصر على العاملين في مجال القانون فحسب، بل كان من الأكسسوارات العصرية بين النخبة البريطانية. بدأ القضاة باعتماد الشعر المستعار كرمز لمكانتهم الاجتماعية وسلطتهم. و غالباً ما كانت الباروكات تصنع من شعر الخيل. و تأتي بأشكال و أطوال مختلفة، مما يعكس اتجاهات الموضة في تلك الفترة.

على الضفة الأخرى، أسهمت الملابس التي كان رجال القانون الأوروبيون يرتدونها في اعتماد الشعر المستعار للقضاة في المملكة المتحدة أيضاً. كان لدى دول مثل فرنسا و هولندا تقاليد راسخة في ما يتعلق بالشعر المستعار بالنسبة إلى القضاء. و قد استعار المجتمع القانوني البريطاني، الذي كان حريصاً على إنشاء هويته المميزة، عناصر من هذه الممارسات الأوروبية.

كانت الباروكات العصرية ترمز إلى التقاليد والاستمرارية داخل النظام القانوني البريطاني مع مرور السنين. و أصبحت أكثر من مجرد أكسسوارات، إذ صارت تمثل السلطة الدائمة للمحاكم. تبنت مهنة القانون هذا التقليد واستمر حتى يومنا هذا.

كانت النسخ الأولى من باروكات العاملين في القانون، تصنع من شعر الإنسان لكن مع تزايد الطلب أصبح الشعر البشري نادراً و مكلفاً. مما أدى إلى اعتماد مواد يسهل الوصول إليها، مثل شعر الخيل الذي كان باهظاً بدوره، فتم اللجوء إلى صوف الأغنام، و في وقت لاحق، الألياف الاصطناعية. أدى هذا التحول إلى خفض الكلفة. و جعل الشعر المستعار أكثر اتساقاً في المظهر.

كذلك، تطورت أنماط الشعر المستعار. ففي البداية كانت الباروكات شديدة الإتقان و تشتمل على تجاعيد مرتبة بانتظام وتصميمات معقدة. أما بمرور الوقت، فأصبحت أكثر بساطة و عملية، مما يعكس الأذواق المتغيرة و الاعتبارات العملية. اليوم، النمط الأكثر شيوعاً هو الباروكة البسيطة و القصيرة بتجعيدات واضحة.

يذكر أن كلفة الشعر المستعار، تختلف بحسب طوله و المادة المصنوع منها و الشخص الذي سيرتديه. على سبيل المثال، يمكن أن تصل كلفة الباروكة التي تغطي الرأس بالكامل و التي يرتديها القضاة إلى 3 آلاف دولار، بينما تميل تلك التي يرتديها المحامون إلى أن تكون أقل كلفة حيث يبدأ سعرها من 500 دولار.

ما ضرورتها في العصر الحالي؟

لم يخلُ تاريخ الباروكات في النظام القانوني في بريطانيا من الانتقادات، و بخاصة في العصر الحديث. حيث كان هناك جدل مستمر حول ما إذا كانت هذه الباروكات لا تزال ضرورية. و يرى البعض أنها قديمة و بعيدة عن الممارسات القانونية المعاصرة. فقد تغير التصور العام لهذه الباروكات، حيث اعتبرها البعض آثاراً لعصر مضى.

يوسف/ح – أندبندنت عربية

أترك تعليقا

لن يتم نشر الايميل الخاص بك