صالون الجزائر للكتاب يختتم فعالياته بإشعاع ثقافي كبير ومبادرات مبتكرة

وسط أجواء احتفالية تزخر بالقراءة والإبداع، اختتمت مساء يوم امس السبت 8 نوفمبر 2025 فعاليات الطبعة الثامنة والعشرين من صالون الجزائر الدولي للكتاب، في حفل أقيم بقاعة آسيا جبار بقصر المعارض بالصنوبر البحري، بحضور شخصيات فكرية وأدبية بارزة.

وخلال كلمته، استعرض محافظ الصالون حصيلة الدورة التي جمعت ضيوفًا من مختلف القارات، وجعلت من الكتاب فضاءً رحبًا للحوار الثقافي تحت شعار: “الكتاب… ملتقى الثقافات”. وأعلن تسجيل خمسة ملايين و606 آلاف و578 زائر حتى يوم الجمعة 7 نوفمبر، مع رقم قياسي بلغ 850 ألفًا و914 زائر يوم الخميس 6 نوفمبر، مؤكدًا أن الصالون يمثل أكبر حدث ثقافي ووطني في البلاد.

من جانبها، عبّرت وزيرة الثقافة والفنون، الدكتورة مليكة بن دودة، عن فخرها بالنجاح الكبير الذي حققه الصالون، معتبرة أن اللقاء جمع بين الفكر والكلمة والخيال على مدار عشرة أيام، وأن الجزائر حين تفتح قلبها للكتاب تصغي لها كل لغات العالم. وأكدت أن المحتوى الثري والحضور الاستثنائي شكلا صورة مشرقة لجزائر تقرأ وتفكر وتتحاور، معلنة نيتها تمديد أيام الصالون في الطبعة المقبلة لإتاحة مساحة أوسع للتبادل والحوار.

وشددت الوزيرة على أن الثقافة قوة بناء قبل أن تكون مساحة للتعبير، وأن القراءة فعل وعي واستنارة ونهوض، داعية إلى جعل الكتاب رفيقًا يوميًا لكل مواطن. واختتمت كلمتها بجملة مؤثرة: “ما أجمل الجزائر وهي تقرأ”، مؤكدة أن نجاح الدورة كان نتيجة عمل جماعي وروح الفريق الواحد، رغم تسلمها مهامها قبل أقل من شهرين من موعد الافتتاح، مع توجيهات بدأت التحضيرات للطبعة المقبلة لتكون أوسع حضورًا وأكثر أثرًا على مستوى الوطن.

شهد حفل اختتام الطبعة الثامنة والعشرين من صالون الجزائر الدولي للكتاب ، تكريم سبع شخصيات تركت بصمات بارزة في المشهد الأدبي والفكري، وهم: عبد الحميد بورايو، مخلوف عامر، الشاعرة نادية نواصر، الشاعر عبد الحميد شكيل، الدكتورة والشاعرة حبيبة محمدي، الباحثة كريستيان شولي عاشور، والكاتب بشير خلف.

كما تم الإعلان عن أفضل جناح مشارك في الصالون، الذي كان من نصيب “جناح الكتب الفاخرة والفنية” الذي قدمته المكتبة الوطنية الجزائرية ضمن جناح “ڨورارة”، وهو جناح تميز ببنيته الجمالية ورسالة تراثية رفيعة أشرفت عليها الوزيرة، وتسلم التكريم مدير المكتبة منير بهادي. وشملت عبارات الشكر جميع الداعمين والرعاة الذين ساهموا في نجاح التظاهرة.

وخلال الأمسية، تم تتويج الفائزين بجائزة “كتابي الأول” في دورتها الثانية، التي تهدف إلى تشجيع الأقلام الجديدة ومنح الكتّاب الشباب فرصة الظهور والنشر. وأكدت الوزيرة أن الجائزة تمثل مجازفة جميلة لدور النشر التي آمنت بالمواهب المبتدئة. وأعلنت لجنة التحكيم برئاسة سعدي انشراح، وعضوية ياسمينة بغباغة، حميد بوحبيب، أيوب بوخاتم، وسفيان مخناش، أن الأعمال الفائزة تميزت بـ”سلامة اللغة”، و”قدرة متميزة على بناء العوالم الروائية”، بالإضافة إلى احتوائها على “قيم وطنية وإنسانية” و”وعي عميق بأهمية فعل الكتابة”.

وقد تلقّت اللجنة 75 عملاً، منها 55 بالعربية، و2 بالأمازيغية، و10 بالفرنسية، و8 بالإنجليزية، معتمدة في تقييمها على معايير سلامة اللغة، القيم الوطنية، والبعد الفني. وأسفرت المداولات عن فوز:

اللغة العربية: أمين صاري عن روايته “أجنحة التمرّد”، وسلمت الجائزة الأكاديمية ربيعة جلطي، واعتبرت الرواية عملًا رمزيًا يجمع بين العلم والمعرفة.

الأدب الأمازيغي: خديجة بن كرة عن عملها “غير فودميم آتيليلي” أو “من أجل وجهك أيها الحرية” من إصدار دار تِنهنان، وقد أعربت عن فخرها بتمثيل اللغة الأمازيغية بكلمة “أزول”.

اللغة الفرنسية: عبد الكريم عزاوي عن روايته “À contre flux” أو “عكس التيار” من دار المثقف، معبراً عن سعادته بالفوز بعد مشاركته كقارئ في العام الماضي.

اللغة الإنجليزية: سلمى شرڨي عن عملها “Rais Hamidou, The Knight of The Sea” أو “الرايس حميدو فارس البحر” من دار البيازين، وهو نص يستعيد سيرة تاريخية تمزج بين الحب والمقاومة والتاريخ.

وأوصت لجنة التحكيم بترسيم الجائزة سنويًا وتنظيم ورشات تدريب للكتّاب الشباب، في إطار دعم الحركة الثقافية وتشجيع الإبداع.

ومع اختتام فعاليات الصالون التي ضمت 565 جناحًا محليًا ودوليًا، بدا واضحًا أن الكتاب ما يزال يحتفظ بسطوته وجاذبيته، وأن الجزائر مستمرة في تنظيم حدث ثقافي يليق بتاريخها وإشعاعها الثقافي، مع استعدادات لطبعة جديدة بآفاق أوسع.

واختتم الحفل بمشاركة الوزيرة في إطلاق مشروع “قاطرة المعرفة”، بالتعاون بين قطاع الثقافة والفنون ومؤسسة “سيترام”، حيث رافقت الوزيرة المشاركين على متن الترامواي من محطة “قصر المعارض” إلى محطة “المعدومين”، في تجربة فريدة لمطالعة الكتب عبر مكتبة متنقلة داخل العربات، تضم مختارات متنوعة، إلى جانب مكتبة رقمية يمكن الوصول إليها عبر QR Code، وتشمل المبادرة جميع محطات الترامواي على مستوى الولايات.

أترك تعليقا

لن يتم نشر الايميل الخاص بك