أغلب وصايا الجزائريين لأقربائهم كانت جلب كمية من ماء زمزم، لكن ذلك لن يتحقق هذه السنة. عبد السلام بن عمراوي من مدينة العلمة شرق الجزائر، يحالفه الحظ أن يكون حاجاً للمرة الثانية في عمره، بعدما زار البقاع المقدسة في موسم 2005. ولم يهضم عبد السلام تحديد كمية ماء زمزم المقدمة للحجاج من قبل ديوان الحج والعمرة، بـ5 لترات، واعتبرها كمية ضئيلة ولا ترضي جميع الحجاج.
ويؤكد بن عمراوي في حديث لموقع “عربي بوست” «أن عودته من حج 2005 كان بكمية 50 لتراً من ماء زمزم، وهناك من جلب أكثر من ذلك، وأحياناً لا تكفي الكمية للجمع الغفير الذي يقصد الحاج لتبركته حين العودة». ويقول في هذا الشأن «نفرض أن قرية بها 300 عائلة، تزورك لتبارك عودتك كما هو الشأن في قريتي (جرمان)، دون احتساب طبعاً الأهل والأقارب، وتقدم لهم ليذوقوا من هذا الماء المبارك، فكم الكمية التي ستكفي لذلك؟».
ويرى أن 05 لترات المقدمة من قبل الديوان لا تكفي حتى لعائلة واحدة، وبالتالي يضيف «من كان يحلم بشرب زمزم يجب أن يزور مكة والمدينة من الآن فصاعداً بعد هذه الإجراءات». وكان الإعلام المحلي في الجزائر قد توقف عند الكميات الكبيرة لماء زمزم التي فاقت كل التوقعات ووصل حد نقل «الأنهار» كما وصفها، دون احتساب أطنان الأغراض والمقتنيات».
سابقة في تاريخ الجزائر
وباشرت إدارة مطارات الجزائر في 17 أوت 2018، عملية توزيع عبوات ماء زمزم القادمة من البقاع المقدسة، على المطارات الخمسة بجهات الوطن الأربع (العاصمة، قسنطينة، وهران، ورقلة، وعنابة) في انتظار تسليمها للحجاج بعد العودة. العملية تأتي بعد وصول آخر شحنة إلى مطار هواري بومدين الدولي في 16 أغسطس/آب 2018 بعدد 18 ألف عبوة ذات خمسة لترات، وتدخل في إطار منع الحجاج إرفاق ماء زمزم في سفرياتهم. الترتيبات التي قام بها الديوان الوطني الجزائري للحج والعمرة، بمنع الحجاج العودة بعبوات ماء زمزم من البقاع المقدسة، تعد سابقة في تاريخ الحج في الجزائر، وتراوحت انطباعات الجزائريين بين الراضي للإجراءات، والمتذمر منها. ويؤكد قاجة البوضي مدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية ورقلة، في تصريح لعربي بوست، بأن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة الوصية بالتنسيق مع ديوان الحج والعمرة هي الأولى في تاريخ الجزائر. كما تعد التدابير الجديدة حسب البوضي «الأولى من نوعها على المستوى العربي، إذ لم يسبق لأي دولة عربية أن فصلت بين أمتعة الحجاج وعبوات ماء زمزم».
وكان التلفزيون الرسمي الجزائري، قد تطرق إلى عملية شحن ماء زمزم مباشرة من مطار الملك عبد العزيز، من خلال أول شحنة كانت موجهة إلى عاصمة الجنوب الشرقي ورقلة. وبلغت كمية ماء زمزم التي وصلت الجزائر في 04 رحلات متتالية 38 ألف عبوة من سعة خمسة لترات، وبعملية حسابية بسيطة، نجد بأن الحجاج الجزائريين سيستلمون 190 ألف لتر من ماء زمزم. الكمية تم توزيعها على مطارات الجزائر الخمسة (العاصمة، ورقلة، قسنطينة، وهران وعنابة) بداية من 17 أغسطس/آب 2018، وهي المطارات المعنية برحلات الحجاج في الجزائر. وبحسب عبد النور بن إدريس منسق الديوان بالشرق الجزائري، «فإن كمية ال38 ألف عبوة من سعة 5 لترات، وصلت الجزائر من خلال رحلات العودة لطائرات الجوية الجزائرية من البقاع المقدسة». وبالتالي يضيف بن إدريس في حديث لعربي بوست «الديوان الوطني للحج والعمرة بهذه الإجراءات سيغني الحجاج مشقة إرفاق كميات من الماء انطلاقاً من البقاع المقدسة، وسيجد الحاج عبوته من 5 لترات تنتظره بالمطار».
زمزم ممنوع مع الحاج
التدابير الجديدة التي وضعها ديوان الحج والعمرة، تفرض على الحجاج الجزائريين المنع من جلب ماء زمزم مع الأمتعة، وذلك في توصيات وتعليمات استلم جميع المرشدين والمرشدات والوكالات السياحية نسخاً منها. ويكون كل الحجاج بحسب نور الدين بن إدريس قد علموا بهذه التعليمات، وسيقومون بالعمل بها لتجنب الفوضى حين العودة ومشكل التأخر في مختلف المطارات، بسبب التفتيش. العملية، يضيف المتحدث لعربي بوست «ستكون بالتنسيق مع شرطة الحدود هناك بالمطارات السعودية خاصة مطار الملك عبد العزيز بجدة، وكذا شرطة الحدود العاملة بالمطارات الجزائرية. ولأنها العملية الأولى التي تفرض على الحجاج في تاريخ الجزائر يقول بن إدريس ستكون هناك بعض محاولات إدخال ماء زمزم بقرار ذاتي، لكن ذلك سيمهد لعهد جديد يتم من خلاله تنظيم عملية جلب ماء زمزم من البقاع المقدسة.
هو مشروع السعودية مستقبلاً
«الجزائر سبقت الدول العربية والإسلامية في العمل بمشروع مستقبلي للسعودية، يمنع الحجاج إرفاق أكثر من عبوة خلال رحلات العودة، أو الضغط على الدول بتنظيم رحلات خاصة بالماء». هذا ما جاء في تصريح إعلامي لصالح بوطرفة المنسق المالي والإداري لبعثة الحج الجزائرية، والذي قال «بأن الحاج الجزائري وكذا الديوان الوطني للحج والعمرة بهذه الإجراءات سيكون قد عود نفسه استعداداً للتعليمات التي ستفرضها السعودية مستقبلاً». مدير الشؤون الدينية والأوقاف بالنيابة لولاية ورقلة، يؤكد لعربي بوست «بأن الخطوة القادمة للسلطات والهيئة المنظمة للحج والعمرة بالسعودية، ستعمل على تعميم تجربة الجزائر في فصل ماء زمزم عن أمتعة ضيوف الرحمن». وكان في وقت سابق قد انتشر فيديو لإتلاف ماء زمزم لمعتمرين أردنيين بالقرب من أحد المنافذ البرية السعودية، وهو الفيديو الذي أثار جدلاً حينها خاصة بين الأردنيين.