لماذا يتمسّك الجزائريون بالوجهة التونسية لقضاء عطلتهم؟

لسنوات عدة استطاعت تونس أن تكون القبلة السياحية الأولى بالنسبة للجزائريين، رغم تنافسية العروض التي تقدمها الوجهتان التركية والمصرية اللتان تحتلان الترتيب الثاني والثالث في الخيارات السياحية للجزائريين.

وكان عدد الجزائريين الذين فضلوا قضاء عطلة الصيف العام الماضي في تونس قد ارتفع إلى 2.4 مليون سائح حسب أرقام وزارة السياحة التونسية، مقارنة بنحو 1.8 مليون جزائري في 2016، وهو رقم سيبقى مرشحًا للارتفاع العام الحاليّ بالنظر للعروض التنافسية التي تقدمها الفنادق التونسية، وفق ناشطين في قطاع السياحة.

تتطلع تونس أن يبلغ عدد السياح الجزائريين القاصدين تونس هذه سنة 3 ملايين سائح، وسجل السداسي الأول من هذه السنة حضور أكثر من 905 آلاف جزائري بتونس، وهو ما يعني زيادة بنسبة 18% مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية التي سجلت أكثر من 766 ألف سائح جزائري.

ويؤكد مسؤولون تونسيون أن حجوزات السياح الجزائريين بالنزل التونسية بالنسبة لشهري يوليو/تموز وأغسطس/آب تعتبر استثنائية ولم يسبق تسجيلها، موضحين أن عددًا من الوحدات الفندقية أصبحت تعمل شبه حصريًا على السوق الجزائرية، وتوفر خدمات ومنتجات خاصة بهذه السوق الأساسية لتونس.

هذا الارتفاع في عدد السياح الجزائريين، جاء رغم الرسوم التي فرضتها الحكومة التونسية على السائح الجزائري مقابل مدة إقامته هناك، إضافة إلى بيع 80% من السوق التونسية للوكالات الألمانية والروسية.

عائدات مهمة

ساهم هذا العدد الكبير في ارتفاع عائدات تونس السياحية، وفاقت عائدات هذا القطاع الأساسي في الاقتصاد التونسي 1.2 مليار دينار تونسي (420 مليون يورو) في النصف الأول من 2018، بزيادة نسبتها 46% بالقياس السنوي وهي عائدات تكاد تماثل عائدات 2010 (1.3 مليار دينار).

ويمثل قطاع السياحة في تونس نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وتعتبر مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة والتوظيف، وفي 21 من فبراير/شباط الماضي توقعت وزيرة السياحة التونسية سلمى اللومي نمو إيرادات السياحة بنسبة 25% خلال 2018 باستقبال 8 ملايين سائح.

بلغ عدد السياح الوافدين إلى تونس 3.2 مليون سائح في الأشهر الـ6 الأولى من هذا العام، متجاوزًا حتى ما كان عليه الأمر في الفترة ذاتها قبل الثورة أي في 2010 حين بلغ عدد السياح 2.9 مليون، إلى جانب ذلك بلغ عدد الحجوزات في الفنادق 7.9 مليون ليلة للفترة من الأول من يناير/كانون الثاني إلى 20 من يونيو/حزيران 2018، وهو رقم يزيد بنسبة 39% عن الفترة ذاتها من 2017، بحسب وزارة السياحة.

وتشير المؤشرات المجمعة لدى وزارة السياحة إلى أن غالبية النزل أصبحت مشغولة 100%، مدفوعة بعودة قوية للقادمين من الأسواق الأوروبية التقليدية، تزامنًا مع المحافظة على السوق الروسية والجزائرية ونمو أسواق جديدة مثل السوق الصينية، وهو ما يطرح إشكاليات لكل من لم يحجز باكرًا لأي سائح بغض النظر عن جنسيته.

وترى السلطات المعنية أن المؤشرات الإيجابية للقطاع تعكس نجاح الإستراتيجية الأمنية التي اتخذتها الحكومة، وبداية التعافي من آثار الهجمات الإرهابية التي ضربت البلاد قبل 3 سنوات، كما أنها تبرز عودة الجاذبية إلى السوق التونسية، لا سيما بعد عودة عدد كبير من منظمي الرحلات السياحية، وفي مقدمتهم شركتا “توماس كوك” و”توي”.

جودة الخدمات وأسعار تنافسية

بقاء الوجهة التونسية الأكثر طلبًا لدى الجزائريين يرجع إلى جودة الخدمات التي تقدمها تونس والأسعار التنافسية، فمتوسط سعر أسبوع في فندق 4 نجوم لا يتعدى 40 ألف دينار جزائري مع احتساب الوجبات، ويصل إلى 50 ألف دينار في فندق 5 نجوم.
ولطالما كانت تونس أحد أهم الوجهات السياحية في المنطقة المتوسطية، حيث تمتد سواحلها على 1300 كيلومتر، ومن مدنها المشهورة إلى جانب الحمامات وسوسة، جزيرة جربة المعروفة بجمال شواطئها، وقد تطورت خدمات سياحية جديدة في البلاد خلال السنوات الأخيرة.

تمتلك تونس منتجعات سياحية تعتبر الأبرز في المنطقة منها منتجع الحمامات، المدينة التي توصف بأنها درة المتوسط وأميرة المنتجعات ومفخرة السياحة في البلاد، وقد عانقت المدينة البحر فاستمدت منه هدوءه وجماله، وجاورت الجبل فغابت عنه وحشته، وزاوجت بين منشآت الترفيه الحديثة وآثارها التاريخية فزادها ذلك جمالًا على جمالها، وقاسم عمرانها أرضها مع بساتينها وأجنتها الخضراء التي منحتها رونقها وبهاءها.
إلى جانب الحمامات، يفضل الجزائريون مدينة سوسة لقضاء عطلتهم الصيفية، وتعتبر جوهرة الساحل، سوسة التونسية واحدة من أجمل المدن المتوسطية، حيث الزرقة التي استمدتها من معانقة البحر والخضرة التي أخذتها من أشجار الزيتون الممتدة والتاريخ والعمارة التي مزجت بين العصري والتقليدي لتجسد حضارة المنطقة.

أترك تعليقا

لن يتم نشر الايميل الخاص بك