يعد قصر العليق (على بعد 19 كلم عن بوسعادة) واحدا من أبرز الحواضر العريقة التي عرفتها المنطقة خلال القرون الماضية، والذي يظل من الشواهد التراثية التي تستدعي جهود الحماية والتثمين .
ويستمد قصر العليق قيمته التراثية من خلال موقعه الجغرافي الذي يقع في قلب إقليم سلسلة جبال امساعد بهندسة معمارية متميزة اعتمدها قاطنوه في تشييد بيوتهم، مما جعله منذ القدم محطة استقطاب و نقطة عبور للقوافل التي كانت تعبرالمنطقة في مختلف الإتجاهات إبان حقب تاريخية غابرة.
و قد ساهمت هذه العوامل مجتمعة في انتعاش هذا القصر و ازدهار الحركة التجارية به بفعل استقرار السكان بالقصر بعد توفير المياه العذبة من منبع عين طكوكة و ممارسة النشاط الفلاحي، حيث ساهم ذلك في جعله حاضرة تستلهم الشعراء والأدباء وحتى الرسامين.
و شيد القصر فوق مرتفعات صخرية لتأمينها من مختلف عوامل الطبيعة، خاصة مياه الأمطار و رطوبة الأرض النابعة من واحات البساتين المحيطة بها، إلى جانب تسهيل عملية المراقبة لأي تحرك غير عادي بمحيط قصبات القصر من مختلف الجهات، حسبما أوضح مختصون في العمران القديم.
وما وصل اليه القصر من حالة متدهورة في العقود الأخير جعل المجلس الشعبي البلدي الحالي برئاسة ياسين رقيعة يسابق الزمن من أجل الحفاظ على المعالم الشامخة للقصر ومميزاته، والعمل على تنشيط السياحة المحلية من خلال ترميم ما يمكن ترميمه وتوفير المرافق والمنشآت التي توفر للزائر مختلف أشكال التنزه والاستمتاع بجمال الطبيعة والتراث القديم.
وبدا واضحا للعيان اللمسات المعمارية الفنية التي تم تجسيدها مؤخرا عند مداخل القصر، والتي تحاكي العمارة الإسلامية وتعكس هوية المنطقة وتراثها المادي والثقافي، والشروع في إحصاء المنازل والبيوت للقيام بعملية الترميم وفق دفتر شروط يضمن للقصر الحفاظ على طابعه التاريخي القديم مع القيام بجملة من التعديلات كاستخدام الطاقة الشمسية، وإمكانية الترخيص لإيجار البيوت للاستفادة منها كمراقد للسياح توفر المستلزمات التقليدية من أكل وتجهيزات متنوعة في مجال الأفرشة والديكور.
وبخصوص الواحة التي تعتمد على نظام سقي تقليدي يسمى بالعصراوية أو الماجن فأوضح ياسين رقيعة لجريدة اللقاء بأن السلطات الولائية وعدت بالترخيص لحفر بئر ارتوازية فلاحية تساعد منبع طكوكة في تغطية العجز الحاصل في كمية المياه الموزعة على المزارعين، وتساهم في بعث النشاط الفلاحي الذي اشتهرت به الواحة كالخضار الموسمية من طماطم وفلفل وفواكه أصلية كالتين والمشمش والرمان…
وتجدر الإشارة الى أن السلطات المحلية باشرت جملة من الحملات التحسيسية التي تهدف الى الحفاظ على البيئة والمحيط، والقيام بالدعاية للترويج السياحي بالمنطقة ودعوة المستثمرين الخواص للمساهمة في انشاء المرافق السياحية وأماكن الترفيه وفق مقومات المنطقة وتقاليدها.
ياسين مبروكي
[…] المصدر […]