تتميز ولاية قالمة بتضاريس مختلفة وغطاء غابيا معتبرا كما تسجل عبور وادي سيبوس الذي يمثل المجرى المائي الأكثر أهمية بالولاية والتي تتمثل في الجبال أبرزها جبال ماونة (بن جراح) بإرتفاع 1411م وجبل هوارة بإرتفاع 1292م وجبل طاية (بوهمدان) بإرتفاع 1208م وجبل دباغ (حمام دباغ) بإرتفاع 1060م.
أسطورة قديمة تقول إن الاسم القديم لمدينة قالمة مؤلف من كلمتين (ألقى ـ الما) أي (وجد الماء) بحيث تعود قصة هذه الأسطورة التي يراها بعض المؤرخين خيالية إلى قافلة من عربان الصحراء يروى أنهم حلوا لأول مرة بالمنطقة وقبل وصولهم أرسلوا فارسا يبحث عن مكان ملائم به الماء كي تحط القافلة الرحال به وعاد الفارس بالبشرى إلى رفاقه وهو يُردد (ألقيت الما.. القيت الما..) فأخذ مرافقوه يرددون بفرح (ألقى الما) ويقال بأنه مع الوقت التأمت الكلمتان فأصبحتا اسما واحدا هو قالمة.
ويقول كثيرون أن هذه الأسطورة باطلة لأن منطقة قالمة منذ القدم وحتى اليوم تنتشر بها الينابيع كما أن اسم قالمة كان معروفا قبل دخول الرومان فكيف يُعقل أن يُطلق بدو رحل هذا الاسم على المدينة يأتي ذلك في الوقت الذي تشير بعض الدراسات إلى أن مدينة قالمة كانت تدعى في العهد البونيقي مالقا أو مالكا والتي تعني الملكة وأُطلق عليها هذا الاسم تخليدا لأحد الملوك أو لأنها تشبه الملكة الجالسة على عرشها بين شعبها وجندها إذا ما نظر إليها الإنسان من أعلى مكان كما يقول بعض المؤرخين كما في كتاب (فتوح إفريقية) أن قالمة اسم قبيلة أمازيغية كانت تقطن بهذه الجهة كما قيل أن تسمية قالمة هي نسبة إلى فاتحها محمد قالمي الذي قام بفتحها سنة 63 هجري والذي كان له فضل كبير في إنشائها وتطورها بعد أن حكمها لعدة سنين وقد تم عزله من منصبه بعد أن قام بإغتيال الخليفة في ذلك الوقت رغم إنكاره ذلك.
أصل سكان ولاية قالمة
ينحدر جزء من سكان قالمة إلى قبيلة بني فوغال الأمازيغية وتتركز في المنطقة الممتدة من الخزارة شرقا إلى حمام الدباغ غربا وقد هاجرت هذه القبيلة إلى قالمة سنة 1799 من غرب جيجل كما يذكر الحسن الوزان أن الأعراب سيطروا على المنطقة ما بين القرنين 12و16م.
وينحدر من هؤلاء البدو العرب أولاد ظافر وأولاد سنان وأولاد علي والدرايدية كما هاجر عدد من القبائل الحضنية الهلالية مثل أولاد دراج والنوايل وأولاد ماضي كما يوجد أيضا عدد من الفراجوة وكذا عدد من الشاوية من قبيلة هوارة وقبيلة درغالي والتي تعني لغويا الشخص الذي لا يرى بحيث استوطنت هذه العائلة خلال 1860م على جنوب الولاية وبالضبط منطقة عين صابون قرب عين العربي والبعض منها بمنطقة الركنية غرب المدينة أما قبيلة أولاد حريد فقد نشأت نتيجة الاختلاط بين بقايا كتامة والهلاليين وكذلك الهلاليون من مرداس وبني صالح شمال وشرق الولاية كما شهدت قالمة سنوات السبعينييات استقطاب البدو الرحل التي تزخر بهم منطقة بوروايح سليمان والتي تنقلوا إليها من المدن الجنوبية الجزائرية.
يقول المؤرخون أن الرومان سارع إلى احتلال مدينة قالمة لأهميتها الإستراتيجية والاقتصادية حيث كانت إحدى المراكز الرئيسية للملكة النوميدية وبعد سقوط قرطاجة عام 146ق م أصبحت قالمة معلما هاما وحصنا منيعا من حصون المملكة النوميدية ومخزنا للذخيرة الحربية خاصة في عهد يوغرطا وقد تحدث المؤرخ الميلي عن هذه المدينة قائلا بقيت صدور الرومان وعرة على يوغرطا وأرسلوا إلى الواس وكان قائدا بإفريقيا يأمرونه بالهجوم على يوغرطا وأنهم لم يرتضوا الاتفاق الواقع بينه وبين بسيتا.
قالمة والفتح الإسلامي
يقول بعض المؤرخين بأن أهمية مدينة قالمة الاقتصادية تضاءلت بعد الفتح الإسلامي لبلاد المغرب في القرن السابع ميلادي وظلت نقطة وصل بين الشرق والغرب إذ أن القوافل كانت تتخذ عنابة ممرا لها نحو الشرق أو الغرب ولهذا فإن مختلف الأحداث التي شهدتها عنابة هي نفسها التي شهدتها قالمة بحيث اتخذ العرب الفاتحون قالمة معسكرا لهم كما توافدت عليها العديد من القبائل العربية خاصة بعد الحملة الهلالية في القرن 03 هـ الموافق للقرن الـ09م حيث استقرت بها بعض القبائل العربية وما زالت بها حتى اليوم مثل أولاد سنان أولاد ضاعن النبائل أولاد ظافر العشاش بني أحمد أولاد عطية وأولاد ماضي.وإلى جانب ذلك توجد بعض القبائل البربرية التي تنتشر في جبال المنطقة مثل بنو جانة في جبال ماونة و بني ولمان في جبال دباغ ومرمورة.
المعالم التاريخية والمناطق الأثرية
تزخر ولاية قالمة بمعالم تاريخية ومناطق أثرية كثيرة ومتنوعة وهي جبل طاية بوحمدان المسبح الروماني هيليوبوليس بقايا حمامات رومانية مناصب حجرية ومغارات قبرية شمال حمام المسخوطين بالركينة أطلال مدينة تيبيلس الرومانية بسلاوة عنونة حمام الدباغ أوالمسخوطين موقع خنقة الحجار سلاوة عنونة مناصب حجرية بشنيور عين العربي موقع عين نشمة بني جراح موقع قالمة بوعطفان عين العربي – كاف بوزيون زطارة القديمة بوحشانة زاوية الشيخ الحفناوي بديار بني مزلن موقع سور الثكنة العسكرية قالمة أما أهم المعالم التاريخية على مستوى ولاية قالمة فتتمثل أساسا في الآثار الرومانية المتواجدة في أطراف عديدة من الولاية أبرزها المسرح الروماني والذي لايزال قائما حتى الوقت الحاضر شاهدا على ماض حافل بالأعمال العظيمة فهذا المسرح يعد بحق تحفة فنية في الهندسة المعمارية وتكمن أهميته خاصة في محافظته على كيانه حتى اليوم بالصورة التي كان عليها منذ آلاف السنين رغم أشغال الترميم التي طالته أكثر من مرة.
وقد بلغت تكاليف بنائه حوالي ثلاثين ألف قطعة ذهبية وهو على شكل نصف دائرة ويحتوي على عدة مقصورات خصصت للأعيان وكبار موظفي الدولة ومدرجات مخصصة لعامة الشعب بالإضافة إلى منصة واسعة يعتقد أنها كانت مخصصة للمصارعة مع الحيوانات المفترسة وخصوصا الأسود التي كانت موجودة بكثرة في المنطقة كما يوجد به متحف يحتوي على تماثيل وفسيفساء ونقود جيء بها من المناطق المجاورة مثل (خميسة) و(مادور)ولاية سوق أهراس وتيبيليس بالإضافة إلى بعض المواقع الأثرية بفالمة.
والغريب أن هذا الهيكل الأثري الكبير والذي يعتبر بحق من أهم المسارح الأثرية في العالم العربي لحفاظه على طابعه القديم ومكوناته من أسوار وجدران ومدرجات وخشبة وغيرها أصابه اليوم شلل تام ولم يعد يمارس أي نشاط يذكر كما أصبح لا يستقبل تلاميذ المدارس ولا السياح الأجانب الذين يجدون أبوابه مغلقة طوال السنة رغم أنه أفضل بكثير من مسرح تيمفاد ومسرح جميلة