عميد الكشافة ببوسعادة السعيد دقمان في حوار مع جريدة«اللقاء»
"بعض الأحزاب السياسية عملت على تسييس الحركة الكشفية"
حاوره/ ياسين مبروكي
يطيب لنا في هذه السانحة أن نحاور رمزا من رموز الحركة الكشفية ببوسعادة العميد السعيد دقمان أحد أفراد فوج الفضيلة الذي يعود تأسيسه إلى سنة 1940، وأحد مؤسسي فوج بدر سنة 1981 الذي ساهم في إعداد أجيال وأجيال تفتخر بهم منطقة بوسعادة الكبرى والجزائر …
يعود تأسيس الكشافة الإسلامية الجزائرية في مدينة بوسعادة إلى أربيعينيات القرن الماضي، كيف تم ذلك ومن هم اهم قادتها ورجالاتها؟
بعد تأثر مجموعة الشباب من مدينة بوسعادة والناشطين في الحركة الوطنية بالكشافة الإسلامية الجزائرية المتواجدة بكل من ولاية سطيف والجزائر العاصمة فوج الفلاح تم تأسيس فوج الفضيلة بمدينة بوسعادة سنة 1940 والذي بقي ناشطا تحت غطاء فوج الفلاح بالعاصمة وعلى اتصال دائم مع الشهيد محمد بوراس رحمه الله ومن اهم قيادتها ورجالاتها، الشهيد حميدة عبد القادر رحمه الله، عبد القادر بن النوي رحمه الله، مسكونة ساعد رحمه الله، عبد الكريم علي، جعفر عمار، لعليبي مصطفى، العمري ثامر، بوعزيزي المختار، بن المبخوت عمر ، طيار محمد، حركات علي المدعو بوعدي، طرفاية عبد الرحمن، الشيخ محمد بسكر، الحاج العربي بازة وغيرهم رحمهم الله جميعا.
أسستم الفوج الكشفي بدر سنة 1981م كيف جاءت فكرة التأسيس؟ وما هي اهم النقاط التي فضلتم بها الكشافة عن غيرها من المنظمات والهيئات التربوية والتطوعية والشبابية؟
جاءت فكرة تأسيس فوج بدر من طرف السيد المسعود اشتيتيح رحمه الله باعتباره كشافا قديما بفوج الفضيلة بوسعادة ومدير دار الشباب الطيب العقبي بحي الهضبة (بلاطو) وتطبيقا للمراسلة والتعليمة التي توصي بفتح أفواج كشفية داخل دور الشباب، ليتصل السيد المسعود اشتيتح بالشباب الناشطين بدار الشباب ويعرض عليهم فكرة تأسيس فوج كشفي سمي في بادئ الأمر باسم فوج البدر الذي يضيء الظلام الحالك ولأنه كانت انطلاقة الفوج متواضعة نظرا لنقص النشاط والخبرة إلا أن التركيبة القيادية الأولى عملت على إرساء قواعد الفوج وتوجيهه لمسايرة بقية الأفواج المحلية والوطنية ورغم هذا بقيت البداية متذبذبة والنشاط متواضعا جدا مما ادى إلى توقف الفوج.
ولأن فكرة الكشفية بقيت متوقدة في القادة:القائد دقمان السعيد، القائد الريسي خالد، القائد حسين دالي..اتصل هؤلاء القادة الثلاثة بالسيد مدير دار الشباب المسعود اشتيتح رحمه الله وعرضوا عليه فكرة إعادة نشاط الفوج فاستحسنها جدا وشجعهم للمضي قدما في درب انبعاث الفوج من جديد ولكن بشرط تحمل المسؤولية كاملة والقيام بجميع الواجبات الملزمين بها، ورغم صغر سن القادة إلا أن الانطلاقة كانت قوية لإتمام المشوار الكشفي لفوج بدر.
ومن أهم النقاط التي فضلنا بها الكشافة عن غيرها من المنظمات والهيئات التربوية والتطوعية والشبابية هي:
-البيئة الطبيعية التي تتمتع بها مدينة بوسعادة من الواد إلى الجبال والمناظر الطبيعية الخلابة التي تربينا ونشأنا في كنفها والتي هي من روح الكشفية والتي تتجسد في حياة الخلاء.
-انضمامنا للكشافة من الطفولة وتأثرنا بها.
-نشاطنا بمخبر التصوير بدار الشباب الطيب العقبي والذي قمنا من خلاله بتغطية مختلف ألنشطة الكشفية والرحلات الخلوية.
مر فوج بدر الكشفي ببوسعادة بمراحل عديدة منذ تأسيسه، حدثنا بشيء من التفصيل عنها؟
لقد مر بناء المسيرة الكشفية لفوج بدر على مراحل هي:
مرحلة تكوين النواة القيادية الأساسية والتي أعادت بعث نشاط الفوج والمرحلة الثانية وهي التوسع والعمل على انتشار الحركة الكشفية في مدينة بوسعادة وما جاورها وبدعم وتوجيه من القائد العربي بتقة تعميم وتأصيل العمل الكشفي وتطبيقا لهذا الاتجاه ثم تأسيس المجلس لتأصيل العمل الكشفي ووضع المبادئ والقيم السليمة الصحيحة للعمل الكشفي وتوضيح الثوابت وركائز النشاط الكشفي والتي تدعم مهمة الحركة الكشفية والمتمثلة في المساهمة في تربية الشباب من خلال نظام القيم القائم على أساس الوعد والقانون الكشفي وذلك للمساعدة في بناء عالم أفضل حيث يستطيع الأشخاص تحقيق ذاتهم كأفراد فاعلين يلعبون دورا هاما في بناء المجتمع ونشره عبر مدينة بوسعادة وما جاورها.
والمرحلة الثالثة هي عقد مؤتمر الانبعاث واستقلالية الحركة الكشفية الذي رسمه رائد الحركة الكشفية الجزائرية الشهيد محمد بوراس وصديقه الصادق الغول رحمهما الله.
تأسيس المحافظة الولائية للكشافة الاسلامية الجزائرية وفي هاته المرحلة تم التعرف على القائد عبد الرحمن بن عطية رحمه الله من القادة القدامى لفوج الفضيلة والذي كان له الفضل في تسجيل وتوثيق تاريخ الحركة الكشفية في مدينة بوسعادة باعتباره القائد الذي عايش جميع المراحل التاريخية التي مر بها فوج الفضيلة إلى غاية استقلال الجزائر كما انه قدم دعما كبيرا لفوج بدر في مسيرته الكشفية والمرحلة الرابعة، وهي تثبيت وتأصيل المفاهيم والقيم والمبادئ الأساسية للحركة الكشفية وإرجاع الكشافة إلى اصولها الأولى كما ساهم فوج بدر في حماية الشباب من الانزلاق في مخاطر العشرية السوداء وتوعية الشباب، بنشر الفهم المعتدل لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
والمرحلة الخامسة هي وقفة تأمل مع القادة الذين تحملوا المسيرة الكشفية لفوج بدر بداية من سنة 2000م وإعداد الاستراتيجية العامة لفوج بدر مدتها 10 عشرة سنوات من 2005-2015 وللتنبيه فإن فوج بدر أدخل ثقافة التخطيط والخطة العامة بداية من سنة 1996م.
برأيك ما هي الأمور التي يتطلب مراجعتها في الكشافة بغية تحقيق أهدافها بالنظر للتطور السريع للتكنولوجيا وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي بشكل رهيب وتباين الميولات والمهارات والاهتمامات بين جيل الأمس وجيل اليوم.
لقد أثبت المنهج الكشفي صلاحياته وتأثيره الإيجابي على مختلف شرائح المجتمع إذ تم تطبيقه بأصوله ومبادئه واعتماد الطريقة الكشفية كأسلوب النشاط الكشفي والمتمثلة في الوعد والقانون، نظام المجموعات الصغيرة، التعلم بالممارسة، نظام الشارات والتقدم هواية جدارة حياة الخلاء، تعلم الراشدين الإطار الرمزي والمشاركة المجتمعية، ورغم هذا التطور الحاصل يبقى توظيفه لصالح الكشفية خاصة من الجانب الإعلامي والتعريف بالحركة الكشفية الجزائرية وتاريخها للمجتمع.
أنشاتم في السنوات الأخيرة معرضا كشفيا وتاريخيا دائما بمقر الفوج ما هي أهم مكوناته وعناصره، وكيف تم جمعه وترتيبه؟
لقد تم جمع المعرض باعتماد:
أولا: الحرص التام على الوثائق المختلفة والحفاظ عليها في البيت رغم المضايقات الكبيرة لأكثر من 25 سنة
ثانيا: البحث المستمر والدائم في تاريخ الحركة الكشفية في مدينة بوسعادة والاتصال برجالاتها والتواصل مع أسرهم في رحلة متواصلة معهم وهذا بتسجيل وتوثيق شهاداتهم والاحتفاظ بوثائقهم وصورهم عبر مدينة بوسعادة وما جاورها وعلى مستوى الجزائر ككل فيما يخص تاريخ الحركة الكشفية الجزائرية.
ثالثا: التضحية بالوقت والجهد والمال لجمع هاته المادة التاريخية الخام
ولقد تم ترتيبه بتنظيم ليال بيضاء للتمكن من ترتيب وتبويب وتصنيف عناصر المعرض التاريخي الكشفي والعملية
لا زالت متواصلة إلى الآن.
حافظتم وتمسكتم بهذه الحركة الشبابية العالمية منذ 40 سنة فهل حققتم ما كنتم تطمحون له من خلالها؟
الحقيقة خلال مسيرة 40 سنة تم تحقيق بعض الأشياء ومازلنا نطمح لتحقيق أشياء اخرى في المستقبل إن شاء الله، ومن بين ما حققناه: التأثير في المجتمع إيجابا وتوعية الشباب وبناء الشخصية الكشفية المتوازنة والمتسمة بالاعتدال ورغم صعوبة الاستثمار البشري وإعداد المواطن الصالح إلا أننا استطعنا وبتوفيق من الله عز وجل التأثير في فئة كبيرة من الشباب وصقل شخصياتهم، وتكوين أكثر من 100 أسرة كشفية، القيام بإعداد المعرض التاريخي الكشفي (7 ألاف وثيقة أرشيفية +600 ألف صورة.
وهناك الكثير من الإنجازات والأعمال الكشفية على المستوى الدولي والوطني والمحلي
في جولة لنا بين أروقة معرضكم الكشفي والتاريخي لاحظنا اهتمامكم بجمعية العلماء وأعلامها لم يعود ذلك؟
الحقيقة يعود ذلك الاهتمام بجمعية العلماء لتأثر مدينة بوسعادة بعلماء جمعية العلماء والذين كانوا يزورونها من حين لآخر ومنهم الشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ البشير الإبراهيمي والشيخ النعيمي وغيرهم وتأثيرهم في شبابها وقيادات الحركة الكشفية والذين كانوا ينتمون إليها امثال: عبد الرحمن بن عطية عبد القادر دلادي، الحاج العربي بازة ، جدة سليمان كما لا ننسى علماء جمعية العلماء من مدينة بوسعادة الشيخ الزروق، الشيخ محمد بسكر، والذي كان يكتب بجريدة البصائر آنذاك باسم مستعار مومن بوسعادي، فكل هاته العلامات جعلتنا نهتم بتراث جمعية العلماء
من خلال تصفحنا لصفحة فوج بدر الكشفي على الفايسبوك لاحظنا نشاطا مستمرا وحضورا قويا للعميد سي الطيب حيدش حدثنا عن علاقته بحياة الخلاء والكشفية وولعه بهما؟
أولا سي الطيب حيدش كان إماما بمسجد الدشرة القبلية ببوسعادة لمدة تفوق 45 سنة وحافظا لكتاب الله ولما تقاعد عن الوظيفة بدأ يفكر في نشاط آخر ليكمل فيه حياته فاهتدى إلى الحركة الكشفية حيث وجد ضالته فيها إذ امدته بحياة كشفية جديدة ملأت عليه وقته وفراغه بأنشطة كشفية في حياة الخلاء حيث العبادة الصامتة والتدبر في خلق الله عز وجل والتمتع بالمناظر الخلابة الطبيعية لبلادنا ولما مارس الحياة الكشفية وعاشها، ذاق حلاوتها وزاد ولعه بها وتمسكه بها فوجد في الكشفية ما يطمح إليه في الأنشطة الكشفية لفوج بدر غم كبر سنه فأعطى دعما كبيرا للمسيرة الكشفية لفوج بدر نتمنى له طول الصحة والعمر وأن يمده الله بالعافية .
في ظل هذه الانجازات والتاريخ الحافل تواجهكم اليوم جملة من المشاكل والمعوقات ماهي؟
باعتبار أن مهمة الحركة الكشفية هي المشاركة في إعداد المواطن الصالح فإن تحقيقها اليوم يزداد صعوبة نظرا لجملة من العوامل اهمها:التحدي الكبير للحركة الكشفية اليوم هو عمل بعض الأحزاب السياسية على احتواء الحركة الكشفية وتخريب النشاط الكشفي، غياب ادوار مهمة للمؤسسات التي تساهم في تربية وإعداد الفتية الشباب (المدرسة، الأسرة، المجتمع)، وعدم وجود مقر خاص لفوج بدر مستقل يمارس فيه أنشطته لكشفية بكل حرية واستقلالية فهذه بعض المعوقات نسأل الله عز وجل أن يتولاها بقدرته.