تشهد أسواق المواشي، وجوانب الطرقات، وحتى المستودعات في الأحياء الشعبية والفضاءات الجوارية حضورا متميزا لكباش العيد، فالكل يمارس تجارة الكباش، والكل يتفق على اسعار لا تنزل عن الملايين الأربعة هذه السنة.
وحسبما ما أشار له أغلب محدثينا هو الغلاء الدي فاقم من المشكل وأعادهم الى الوراء كلما فكروا في النحر بحيث ترتفع اسعار الأضاحي ككل سنة ويبقى السعر الأدنى في حدود 35 و40 ألف دينار وهو سعر لا يتوافق مع القدرة الشرائية للكثيرين ويرتفع السعر الى حدود 5 و6 ملايين سنتيم بالنسبة للكباش المقبولة، بينما تتجاوز الكباش الجيدة العشر ملايين سنتيم، وهو ما لا يطيقه إلا ذوو المداخيل المرتفعة، وأصحاب التجارة، بينما يظل الموظف البسيط يراوح مكانه، فحتى وإن خصص كل الشهرية لاقتناء كبش فهي لا تكفيه، وإن استدان فسيكون مجبرا على قضاء سنة كاملة في رد الأقساط، أما إن كان يعيل أطفالا يستعدون للدخول المدرسي فكبر عليه أربعا، لأن عباقرة الحسابات لن يستطيعوا فك شيفرة المداخيل والمصاريف الواجبة السداد، وكل ذلك يتحول إلى هموم تطحنه، وتفسدعليه ايامه، فلا ينام إلا على وجع، ولا يستيقظ إلا عليه، ويحز في نفسه ما يظهر به من ضعف أمام أبنائه، وأهله.
ورغم اقتدار شريحة واسعة من الناس على اقتناء الأضاحي التي تروق لها يبقى المعسرون في حيرة من أمورهم مما يدفع بهم إلى حلول لا مخرج عنها، فإما الانسحاب بشرف طالما أن الأمر ليس مفروضا بل سنة على من استطاع، وإما الاستدانة التي يقع تحت ضغطها لشهور بعد العيد، أو بيع بعض ما له ثمن في البيت من ذهب أو أثاث، أو الاشتراك بين الإخوة في كبش يشعرون من خلاله بالفرحة كسائر الجزائريين ولو لم يكن ذلك جائزا في الأضحية، ويرى البعض الآخر في التضحية ببقرة بالاشتراك مع الغير فرصة ذات أبعاد مختلفة، فالمبلغ المدفوع يكون أقل بكثير من ثمن الكباش، وكمية اللحم تكون عادة صافية من الشحوم، بل أنّ من الناس من يفضل التيوس على الكباش لسعرها، وجودة لحمها، وكلها خيارات معاشة، تفرضها القدرة المالية، ويقود إليها الحل الوسط.