كلما كان المجتمع واسعا كلما كانت العادات والتقاليد أكثر عمقا وتمسكا، وبما أننا في شهر رمضان الكريم فان العائلات الجزائرية تحافظ دائما على ما تركه الأجداد واتبعوه في الدين على وجه الخصوص.
عملية الاختتان التي تدخل كل بيت يحتوي أفراده على ذكر، والختان هي عملية ضرورية للذكور فهى نظافة للقضيب كما تمنع الإصابة بالأمراض مثل عدوى الجهاز البولى.
متى تتم عملية الختان؟
لا يوجد وقت محدد، لكن كلما كان ذلك مبكراً كلما كان أفضل بكثير .. وليس من الأفضل أيضاً إجرائها عند الولادة بل الانتظار عدة أيام ولا تؤجل هذه الأيام إلى عدة شهور أو عندما يكبر الطفل ويعى لأنه يتعرض إلى الإيذاء النفسى.
مهما كانت الأضرار والآلام قائمة إلا أن الفرحة تعم كل بيت تتم فيه عملية الطهارة كما يسمونها في المجتمع الجزائري، حيث تبدأ الأم في تحضير وشراء الملابس الخاصة بالاختتان لطقلها وهي عبارة عن الطربوش، حذاء البابوش، القندورة، سروال المدور، القميص الأبيض والقطعة العلوية المصنوعة من قماش القطيفة والمطروز بالفتلة الذهبية.
هذه المناسبة تعيشها العائلة مرة واحدة مع كل طفل و لا تتكرر، وأغلبهم يفضلون العشر الأواخر من شهر رمضان لما فيه من بركة خاصة في ليلة القدر، ورغم أن الختان في رمضان أو سائر الأيام هو نفس الشيء ولا علاقة له بالدين إلا أن العملية في هذا الشهر الفضيل لها نكهتها الخاصة، وما هي الا عادة اعتادت العائلات على تطبيقها في هذا الشهر لجمع العائلة وتوزيع الوليمة والاحتفال بالمناسبة السعيدة.
ومن العادات السائدة في مجتمعنا هي وضع الحناء للطفل كما توضع الشموع وتدوي الزغاريد في البيت وتردد النسوة مدائح دينية تبرز فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم، كما تتميز السهرة بحضور كؤوس الشاي والفول السوداني للاستمتاع بالعرس الديني، في الوقت الذي يتألم فيه الطفل بجرحه، لكن الشيء الذي ينسيه في جرحه هو المبلغ المالي الذي يجمعه الطفل من عائلته وجيرانه، فتنقلب الآلام إلى فرحة كبيرة.
في الأيام العادية تختلف الاحتفالات بالختان بعض الشيء عن الاحتفال به في رمضان حيث تقوم بعض العائلات بذبح خروف وتنظيم وليمة ودعوة العائلة الكبيرة، الأصدقاء والجيران لمشاركتهم الفرحة والعرس التقليدي، ويرتدي الطفل ملابسه التقليدية حتى يطيب من جرحه ويتجاوز أحيانا الأسبوع، فكلما تقدم في السن كلما طالت مدة شفاءه.
وكما يميل البعض إلى البساطة، واللمة على قصعة الفال، يحبذ البعض الآخر التباهي بالحفلات، والتقليعات المكلفة، التي لا تختلف عن أجواء أعراس الزفاف، ولا تتنازل عن البريستيج المعهود في الأفراح الملكية التي تبقى حديث الأهل والجيران، وتخلد مع ذكريات العائلة وتكبر مع الطفل على ما سخره والداه في سبيل فرحته الأولى.