جزائري 100 %” :مقام الشهيد”.. أطول نصب يخلد الثورة الجزائرية

يمثل “مقام الشهيد” في الجزائر نُصبا تذكاريا لنضال وتضحيات بلد المليون ونصف المليون شهيد، وجزءا من العملة الجزائرية، وأجمل ما شُيد في الجزائر تخليدا لأرواح من ضحوا بالغالي والنفيس من أجل أن تستقل الجزائر.

مقام الشهيد، لم يشيّد للتفاخر بالفن المعماري، لكنه اختير أن يكون الصورة المرئية الدائمة للذكرى التي تخلد أبطال الجزائر الشهداء، ومن رجال ونساء، وهبوا دماءهم وأرواحهم الطاهرة وممتلكاتهم طلبا لحرية تُؤخذ ولا تُعطي.

تعود فكرة هندسة مقام الشهيد إلى عام 1981 من قبل الرسام الجزائري بشير يلس مع مهندسين في شركة “لافالين” في مونتريال الكندية؛ إذ خطط برفقتهم لبناء مجسم يخلد شهداء الثورة التحريرية الجزائرية المجيدة.

قامت خلالها شركة “لافالين” التي كُلفت بهندسة وبناء النصب التذكاري بالتعاقد مع رسامين جزائريين وأوروبيين آخرين وهم الخطاط إسكندر عبدالحميد والنحات البولوني ماريان كونشني، وتطلب تشييد مقام الشهيد 9 أشهر كاملة.

يقع مقام الشهيد على هضبة “الحامَّة” المطلة على خليج الجزائر العاصمة وضواحيها، واختيرت له الذكرى العشرون لاستقلال الجزائر لتدشينه، وكان ذلك في الخامس يوليو عام 1982، من قبل الرئيس الجزائري الراحل، الشاذلي بن جديد، وهي الفكرة التي بدأ تجسيدها في عهد الرئيس الجزائري الراحل، هواري بومدين في سبعينيات القرن الماضي.

لم يكن اختيار موقع مقام الشهيد في هذا المكان محض صدفة، حتى وإن كان الرئيس الجزائري الأسبق، هواري بومدين، قد فضّل أن يكون موقعه في عاصمة الثورة الجزائرية، مدينة باتنة، لكن الاختيار وقع على الجزائر العاصمة، لاعتبارات لها أبعاد تاريخية واستراتيجية، أجبرت فيما بعد المسؤولين الفرنسيين على الترحم على أرواح شهداء الجزائر من هذا المكان.

ومن بين الأسباب التي جعلت السلطات الجزائرية تصر على موقع هضبة الحامة، أنها شهدت عدة معارك تاريخية، من بينها معركة ضد الحملة الصليبية التي قادها “شارل لوكان” (Charles Lequint) على الجزائر في 23 أكتوبر/تشرين الأول سنة 1541، حيث تؤكد الدراسات التاريخية أن الضربات المدفعية المنطلقة من هذه الهضبة حطمت سفن “شارل لوكان” وجعلتها ترجع من حيث جاءت.

كما كانت الهضبة خلال فترة الحكم العثماني، مرصدا لمراقبة النشاط الملاحي وسواحل المدينة من قبل سكان العاصمة الجزائرية.

وخلال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر، اختارت “مجموعة الـ22 التاريخية” الاجتماع في هذه الهضبة في 24 يونيو عام 1954 من أجل التحضير لاندلاع الثورة التحريرية الجزائرية.

إضافة إلى هذا، فإن موقع الهضبة، اتخذه الاستعمار الفرنسي مكانا لتعذيب وتقتيل الجزائريين خلال الثورة التحريرية، في مكان عُرف بـ”فيلا سوزيني”.

ق.م

أترك تعليقا

لن يتم نشر الايميل الخاص بك