عند زيارة أي مقبرة تجذبك بعض القبور بالمبالغة الواضحة والتنميق المضاعف على الشواهد وحواف القبر المبني بطريقة غير عادية ولا يكون الهدف منه الإبقاء على القبر من أجل زيارته من طرف أهل الميت وإنما القبور صارت مجالا للتباهي والتفاخر .
بين البعض تلك السلبيات التي طالت كل شيء ووصلت إلى المقابر وترى في ذلك زيادة في شأن الميت بعد مماته وهي الفكرة التي ترسخت في عقول البعض فراحوا إلى انتقاء أفخم طريقة لبناء القبر وتزيين شواهده بالزخرفة والرخام وهو ما يظهر عند زيارة المقابر في حين يمتنع البعض عن بناء القبور ويرون أن الأمر غير جائز ويكتفون بوضع لوحة على القبر تبين هوية الميت كي لا يضيع قبره ويكون معلوما من أجل زيارته.
تكلفة القبور تصل إلى أكثر من 3 ملايين سنتيم
في زمن ارتفع فيه سعر كل شيء لحق الالتهاب حتى بناء القبور فأغلب البنائين يفرضون أسعارا خيالية على بناء القبر ويكون الأمر تبعا لشروط عائلة الميت وهو ما أوضحه لنا أحد بنائي القبور الذي ينشط في ذات الحرفة منذ سنوات وقال إن الأسعار زادت في الآونة الأخيرة بعد أن كانت في سنوات مضت لا تتعدى 6000 دينار وقبر الميت كان بـ 1800 دينار أما في الوقت الحالي فثمن القبور ارتفع إلى 2800 دينار أما بناؤها فيبدأ من سعر 18000 إلى 38000 دينار جزائري حسب متطلبات أهل الميت والمواد المستعملة على غرار الرخام وحتى السيراميك وطلبهم إلحاق بعض التنميق على الشواهد وما على البناء إلا الخضوع إلى تلك الشروط وفق رغبة الزبائن لكن هناك فئة من الناس من لا ترضى بذلك وتفضل القبور العادية التي لا تخرج عن استعمال الإسمنت ويكون المبلغ أقل- يقول _ فلا يهمها سوى أن يكون قبر الميت معلوما.
بناء القبور من الناحية الشرعية
الدفن حق للميت يحفظه من الإساءة ويحفظ الأحياء منه وللقبر ضوابط وقيود جاء بها الشرع منها أن الأصل أن يرتفع بمقدار شبر فقط ليُعرف ويُزار ولا بأس في الكتابة عليه أما إذا كان القبر في مقبرة مُسَبَّلَة أي موقوفة على عامة المسلمين أو فئة منهم ولم يكن هنالك ضرورة تستدعي البناء عليه كخوف سرقة القبر أو نبش الحيوانات فيحرم البناء عليه لأن في ذلك تضييق على المسلمين وحرمانهم من مكان القبر لوجود البناء عليه وهذا معتمد في المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
أما االبناء على القبور المبالغ فيه والأضرحة العالية فهو أمر غير جائز وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لما فيه من تعظيم أهل القبور وكونه وسيلة وذريعة إلى أن تعبد هذه القبور وتتخذ مع الله تعالى كما هو الشأن في كثير من الأبنية التي بنيت على القبور فأصبح الناس يشركون بأصحاب هذه القبور مع الله سبحانه وتعالى..