تعيش الاحياء الشعبية قبل عيد الأضحى المبارك في نواح متفرقة من الوطن أجواء مميزة يطبعها الحضور المبكر للكباش على مستوى الأحياء والشرفات بحيث تكون موصولة بحبال متنوعة الألوان .
وتتفاعل جل الأسر مع حضور الكبش كونه الطريق الذي سوف تطبق به السُنة المؤكدة لسيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام عندما أقدم على ذبح ابنه اسماعيل قربانا للّه تعالى ففداه اللّه بذبح عظيم.
الحناء الحاضرة الأولى على رؤوس الكباش
أول الطقوس عبر العائلات هي وضع الحناء على رؤوس الكباش وهناك من تذهب إلى وضعها على الأرجل بحيث وبعد دخول الكبش إلى البيت تتسارع النسوة إلى وضع الحناء على مقدمة رأسه من باب الفأل الحسن وهو ما عبرت به السيدة علجية في العقد الثامن قالت أن عيد الأضحى المبارك تميزه الكثير من العادات والتقاليد منذ زمان على مستوى الأسر الجزائرية التي تتحد في بعض الأعراف على غرار وضع الحناء على رأس الكبش كعادة حميدة لجلب الفأل الحسن ومنها حتى من تزين قرونه بالحاشية ذات اللون الوردي لأخذ صور فوتوغرافيه مع الأطفال تبقى ذكرى لهم وهناك من تبتغي وضع جزء منها على صوفه لتزيين جلده أو الهيدورة كما تعرف بالعامية وعلى الرغم من تلاشي استعمالها هناك من النسوة من لازالت تلتزم بها في البيوت دون أن ننسى استعداد النسوة من قبل بتحضير السكاكين ومختلف الآلات المستعملة في عملية النحر وتجهيز المطبخ بكل ما هو ضروري ويمكث الكبش لأيام على مستوى الأسر حتى يكاد يتحول الى فرد من افرادها بسبب حب الاطفال له والتصاقهم به لفترة طويلة حتى ان بعض الشبان من محبي الفرق الرياضية يذهبون الى صبغ صوفه بالألوان لفريقهم المفضل ويكون الكبش الصديق الحميم عبر الطرقات والأزقة حتى يتحول الى أنيس يحزن البعض لوداعه يوم النحر.
يوم النحر… طقوس خاصة
بعد الأجواء التي تسبق العيد عبر الأحياء يحل يوم العيد وتتم عملية النحر التي تلازمها هي الأخرى بعض العادات والتقاليد حتى منها ما اتخذت منحا خرافيا على مستوى بعض المناطق والقرى والمداشر وراحت النسوة تتناقلنها فيما بينهن على نحو ملزم وتحولت الى عادات متوارثة .
اقتربنا من بعض النسوة لرصد العادات التي يتبعنها على مستوى أسرهن خلال النحر والتي قد تشمل جوانب خرافية فسردن علينا بعضها منهن الحاجة شريفة التي قالت أن بعض النسوة كنّ أثناء عملية النحر خاصة في بلاد القبائل يمررن جزء من الدم على رقبة البنات العازبات للتعجيل بزواجهن على أن يغسل ذلك الدم الناجم عن الذبح بعد صلاة الظهر من يوم العيد وكانت البنات خاصة في البوادي يهتدين إلى تلك الطريقة لتعجيل النصيب وغيرها من العادات والطقوس الأخرى على غرار أكل اللسان من طرف الطفل الذي تأخر عن النطق ويعاني صعوبة في التكلم وختمت بالقول أنها كلها عادات تعبر عن فرحة الكل بتلك السنة الحميدة وهي بعيدة عن مظاهر الشرك والشعوذة والعياذ بالله. فهي طقوس حميدة اعتاد سلفنا الصالح القيام بها لخلق أجواء رائعة يوم النحر .
الذيل لدفع العين والأرجل لدفع النحس
ما سمعناه على لسان نسوة أخريات يجلب الدهشة ففي مناطق كثيرة في الجزائر تحتكر النساءُ أكلَ أعضاء معيّنة من الأضحية ويُكره أكلها على الرجال ويصل المنع إلى مقام التحريم كما ان هناك من العائلات من تجبر اطفالها الصغار على أن يمسحوا وجوههم بجلد الأضحية اعتقادًا بأن ذلك يقيهم من حَب الشباب والأمراض الجلدية ومن اغرب ما سمعنا إعطاء الذيل للنفساء فتضعه تحت وسادة الرضيع حتى لا تصيبه العين ومن النسوة من تذهب الى رمي واحدة من الأرجل الأربعة من النافذة يوم النحر حتى يغادر النحسُ البيتَ وجعل أكبر شخص في العائلة وأصغر شخص أوّلَ من يأكل من لحم الأضحية حتى تحلّ البركة فيه فلا ينفد بسرعة اما فيما يتعلّق بالأطفال فإذا امتدّت يدُ أحدهم إلى عضو من تلك الأعضاء واجهته عبارة المنع وصبره حتى يكبر تأتي في مقدّمة هذه الأعضاء الممنوعة على الأطفال الكرش والسبب هو الخوف من أن تظهر التجاعيد على وجوههم حين يكبرون ثم اللسان خوفًا من أن يُصبحوا كذّابين ثم الكليتان حتى لا يحصل لهم احتباس في البول ثم الأمعاء حتى لا يصابوا بـ بوصفّاير أي فقر الدم.
وهناك من يفسر انتشار تلك الظواهر الاجتماعية إلى عدة معتقدات منها أن النساء كن يربطن بعضَ الأعضاء ببعض المضاعفات السيّئة حتى يجعلنها حكرًا عليهن وبالعادة والتكرار بات ذلك قناعة شعبية عامة طغت على بعض الأسر.
ومهما اختلفت العادات والتقاليد تبقى أجواء العيد في الجزائر أجواء مميزة تطغى عليها الفرحة ومشاعر الابتهاج بين الكل وتتسابق العائلات فيه على التصدق وتبادل التبريكات لتكتمل فرحة العيد بين الجميع.