قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن ناهبي المال العام في المملكة يستمرون في مراكمة الثروة بطرق غير مشروعة وفي تقلد المسؤوليات العمومية من مواقع مختلفة، وهم في منأى عن أية محاسبة.
ونبه الغلوسي إلى أن “تقارير تصدر وتنشر، وعلى صدر صفحاتها وبالبنط العريض اختلالات مالية وقانونية وتدبيرية جسيمة، ويظل مع ذلك المخالفون والمفسدون في منأى عن أية محاسبة”.
وأوضح أن “حجم المخالفات المرصودة في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، يبقى محدودا وضعيفا بالنظر لحجم المخالفات والاختلالات الموجودة فعلا على أرض الواقع”.
وأشار الغلوسي إلى أن المجلس أحال ملفات تكتسي صبغة جنائية على رئاسة النيابة العامة، وهي ملفات في الغالب تهم منتخبين وموظفين دون مسؤولين كبار، مما يجعل الأسئلة مشروعة حول مدى سيادة القانون على الجميع.
وسجل الغلوسي أن “القضايا الجنائية المحالة على رئاسة النيابة العامة (…) غالبا ما تصدر بخصوصها أحكام ضعيفة لا ترقى لمستوى خطورة الجرائم، ناهيك عن كونها تستغرق زمنا طويلا أمام المحاكم المختصة، وغالبا ما تقتصر المتابعات والأحكام على موظفين صغار ومنتخبين دون المسؤولين الكبار”.
إلى جانب ذلك، أبرز المتحدث أنه لا توجد آلية لاسترجاع الأموال المنهوبة، فضلا عن كون المؤسسات المعنية بالتنصب كطرف مدني أمام القضاء، تتلكأ عن القيام بدورها في حماية المال العام.
واعتبر أنه “كان بالإمكان أن تشكل تقارير مؤسسة دستورية كالمجلس الأعلى للحسابات، آلية قانونية ومؤسساتية لمكافحة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة وتخليق الحياة العامة وتعزيز حكم القانون، إلا أن هذه الأهداف لاتزال بعيدة المنال، لذلك يبقى صدور التقارير مجرد لحظة طقسية يتم الإحتفال بها كل مرة، ليبقى السؤال معلقا إلى حين، وماذا بعد صدور تقارير المجلس الأعلى للحسابات؟”.
وأكد الغلوسي ان “الحقيقة المرة لبعض المدبرين للشأن العمومي للمملكة، مهما حاولوا الظهور بمظهر المصلح والخائف على الوطن، العديد من هؤلاء يعرفهم الناس حق المعرفة، و أكثر ما ينشغلون به هو كيف ينمون أرصدتهم وشبكات علاقاتهم”.
وختم أن “نخبا كهذه لا يمكنها في هذه الظروف العصيبة أن تساهم في إطفاء الحرائق المشتعلة ولذلك فإن البلد في حاجة إلى إصلاح سياسي عميق ومواجهة الفساد ونهب المال العام وربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك لن يتأتى إلا بوجود نخب سياسية مبدعة ومبتكرة وذات مصداقية (…)”.