المبدع وحرفي الحلويات التقليدية أمين بلعيد لـ ” اللقاء”: الجوزية ليست مجرد حلوى، فهي جزء من التاريخ وعبق الماضي وقصص الأجداد
أقمنا عدة معارض في وزارات الخارجية ، والداخلية، و الثقافة ، وزارة السياحة
تشتهر الجزائر بحلويات تقليدية شعبية عريقة تناقلتها أمهاتنا عن جداتنا ، من بينها حلوة “الجوزية” التي يعود أصلها إلى الحقبة العثمانية وتلقب بـ “الحلوى الملكية” و”سلطانة” السهرات الرمضانية.
تظل مظهراً من مظاهر الفرح وجزءاً لا يتجزأ من الطبخ الجزائري فهي تدخل السرور على العائلات، كما أنها ميزة من ميزات التواصل في احتفالات الجزائريين.
هذه الحلوة التي ذاع صيتها بقسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، لم تعد حكرا على المنطقة بل استهوت عدة حرفيين من ربوع الجزائر.
ابن ” يسر” ببومرداس أمين بالعيد، احد هؤلاء الحرفيين الذي امتهن صناعة الجوزية وتفنن في صناعتها خص موقع “اللقاء “ بهذا الحوار، والذي تحدث فيه عن بدايات ولوجه عالم صناعة حلوة الجوزية التي تعد علامة مسجلة في تراث المجتمع الجزائري ، وعن أسرارها وغيرها .
حاورته رادية مراكشي
اللقاء: كيف كانت بداية مشروعك؟
أمين بلعيد: بدايتي جاءت حبا للصنعة ،وأيضا بعد دراسة للسوق لاحظنا أن هذا المجال غير متوفر في ولاية بومرداس فقررنا إطلاق المشروع، والحمد لله تم افتتاح ورشتنا في 2021 .
احكي لنا عن تاريخ الجوزية حسب ما تعرفه؟
– حلوى “الجوزية” كما هو معروف ،أنها دخلت قسنطينة أول مرة بفضل أحد طباخي أحمد باي، الحاكم العثماني الذي حكم قسنطينة وشرق الجزائر بين عامي 1826 حتى سقوط المدينة في يد الفرنسيين عام 1837 ،و يرجّح أن ذلك مرتبط بهجرة الأندلسيين إلى كثير من المدن الجزائرية ومنها قسنطينة، فدخلت معهم وانتشرت لتنتهي بعد كثير من التعديلات إلى وصفتها الحالية.
ما هي مكوناتها الأساسية؟
– مكونات “الجوزية” الرئيسة، هي عسل النحل الأصلي ومكسرات الجوز، فضلا عن بياض البيض الطازج.
ما هي المراحل التي تمر بها لإعداد حلوى الجوزية؟
بالنسبة لطريقة الإعداد، فنصر على أن تبقى تقليدية، مع اللجوء إلى استخدام مواد أولية من النوعية الجيدة، للحصول على منتج راق.
فالجوزية تصنع من الجوز وبياض البيض الطازج والعسل الصافي، مع وجود سر يكمن في طريقة طبخها وتحضيرها.
وفي النهاية، تصف وتقطع إلى قطع مربعة تعلوها حبة الجوز أو مستطيلة ممزوجة بمكسرات الجوز، ثم تغلّف بنايلون شفاف.
يقال أنه ليس بإمكان أي صانع أن يتقنها لأن وصفتها تبقى سرية خاصة ، ما رأيك؟
ليس من السهل احترافها ومعرفة أسرارها، فهي تبقى دائما وصفة سرية إلى يومنا هذا، فالقليل من الناس الذين يحترفونها و يمتهنونها وتعد مصدر رزق لهم .
فمن أسرار نجاح الجوزية هو العسل الحر والبيض الطازج وأيضا طريقة الصنع وخبرة الحرفي فضلا عن عدد الساعات التي تبقى فيها الخلطة على النار.
جودة وسر صنع الجوزية يكمن في خلطتها، إضافة إلى استحضار النية في إعدادها، وإلاّ لما نجحت الوصفة.
فالسر ليس في المقادير المعروفة وإنما في تقنية تحضير الوصفة.
ما رأيك في من يدخل مكونات جديدة كاستعمال الغلوكوز لتسريع طهيها؟
– الكثير من صانعي الجوزية أصبحوا يضيفون الغلوكوز للمقادير التي ذكرتها سابقا ، حتى لا يستغرق وقت طهيها طويلا ، ولضمان نجاحها وحتى تحافظ على شكلها وقوامها و يكون ذوقها لذيذ.
دار السلطان ..من أين جاءت هذه التسمية؟
– تعود تسمية دار السلطان إلى دار السلطان المتواجدة بقصبة الجزائر، ونحن أخذنا اسم دار السلطان من هذا المنطلق.
هل شاركت في مهرجانات؟
الحمد لله شاركنا في عدة محافل في الجزائر، فقد أقمنا عدة معارض في كل من وزارة الخارجية والداخلية ووزارة الثقافة، وزارة السياحة و الصناعة التقليدية.
وحضرنا عدة صالونات والتي شهدت إقبالا جيدا من طرف الجزائريين ، وأبدو إعجابهم بالمنتج ، بكل من سيدى فرج و كاتب ياسين في ساحة “اودان”.
أما على مستوى ولاية بومرداس كانت لنا مشاركة في معرض بولاية بومرداس بالتزامن مع موسم الاصطياف ، أيضا أقمنا عدة معارض على مستوى دار الصناعة التقليدية ببرج منايل و الدلس، ونطمح ان شاء الله تكون لنا مشاركات دولية خارج الوطن .
ما هي أهم المناسبات التي تقدم فيها الجوزية؟
الجوزية .. تقدم كهدية فاخرة للأحباب والأهل فهي الحلوى الملكية و سلطانة السهرات الرمضانية، فهي تنافس الحلويات العريقة المختلفة، مثل “البقلاوة وقلب اللوز والزلابية و المقروط” وغيرها من المعسلات ، فالصائمون يقبلون عليها بصورة لافتة خلال شهر الصوم، و أيضا على مدار السنة، لطعمها المميز، كما هناك من يقدمها في المولد النبوي الشريف و عيد الأضحى و الفطر أو كهدايا للأحباب خارج الوطن أو في حفلات الزواج والختان .
ما هي مشاريعك المستقبلية ؟
– المشاريع المستقبلية اطمح إلى توسيع المشروع، وفتح فروع أخرى له في الجزائر ولما لا خارج الوطن.
كيف تعمل على ترويج للثقافة الجزائرية من خلال الجوزية ؟
الجوزية مميزة شكلا وذوقا، فهي ليست مجرد حلوى، فهي جزء من التاريخ وعبق الماضي وقصص الأجداد وتراث .. والتراث جزء من هويتنا ، “الجوزية” اشتهرت بقسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، التي تعدّ مهد صناعتها، على الرغم من توافرها في السنوات الأخيرة في مناطق أخرى على غرار بومرداس .
ودار السلطان تسعى لإيصال الثقافة الجزائرية عن طريق الجوزية الجزائرية من خلال حرصنا على اقتنائها من طرف الجالية الجزائرية بالمهجر ، فحتى علب التغليف اخترنا أن نستعمل علب خشبية مزخرفة برسومات مستوحاة من الزليج الجزائري ، فنحن خلالها نبعث رسالة للعرب وللعالم ، فهذا تراثنا وموروثنا .
ما هي رسالتك للشباب الجزائري، الذي تستهويه مجال الصنعة لكنه يخاف بدا مشروعه؟
رسالتي لكل شاب جزائري طموح ، ببساطة هي أن لا يخاف من أن يبد مشروعه الخاص خاصة في مجال الصنعة أو الحرف التقليدية ، فقط عليه بالتوكل على الله ويتحلى بالإرادة والإصرار على النجاح وان شاء الله يوفق.