عاش الجزائريون، أيام العيد صدمة حقيقة ومرعبة لهول الكارثة الوبائية التي ألمت بسكان أربع ولايات وخلفت حالتي وفاة بسبب إصابتها بداء الكوليرا بعد 20 سنة من الظهور.
ورغم خطورة هذا الملف الصحي وتفادي كشف تفاصيله، إلا أن وزارة الصحة فضلت الإعلان عن إصابة 41 شخصا بهذا الداء وإغلاق عدد من المستشفيات المتخصصة في مكافحة الأمراض الوبائية في ضاحية البليدة وسط البلاد.
وتواجه حكومة رئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحي، انتقادات لاذعة بسبب فشلها في محاصرة أمراض كشفت في وقت سابق أنها تمكنت من القضاء عليها، في وقت لا تزال موجودة في البلاد.
واهتزت مواقع التواصل الاجتماعي، بعد انتشار خبر عودة مرض الكوليرا بمنطقة بوفاريك في البليدة، وعبر نشطاء ومختصون في الصحة العمومية عن غضبهم من عودة هذا الوباء الذي يعد مؤشرا على غياب الرقابة الصحية، ونشر بعضهم صور تدل على غياب النظافة في بعض الأحياء السكنية وأرفقت بتعليقات عديدة على غرار ” شاهد صور الجزائر العميقة.. الكوليرا منتشرة حولنا في كل مكان ولا حياة لمن تنادي “، وغرد أحدهم ” انتشار مرض الكوليرا في الجزائر يعتبر فضيحة بكل المقاييس، لأنه ينتشر فقط في البلدان الفقيرة و ليس في بلد ينتج مليون و ستة مائة الف برميل نفط يوميا و مازال شعبها يعاني من تلوث المياه الصالحة للشرب و ابسط مقومات الحياة الكريمة و مع ذلك فهم يدعون انهم يعيشون في رفاهية”، وقال آخر “أمراض القرون الوسطى تضرب الجزائر”.
وكان أهم ما أثار غضب الجزائريين تصريحات مدير معهد باستور المختص في إجراء التحاليل والتشخيص، التي قال فيها إن الجزائر مثل الكثير من الدول التي سجلت هذه السنة عدد من الإصابات بداء الكوليرا على غرار اليمن والنيجر.
ودق من جهتهم مختصون في الصحة العمومية ناقوس الخطر، وقال في الموضوع الدكتور فتحي بن أشنهو، في تصريح صحفي له إن قلة أو انعدام النظافة وراء انتشاء هذا الوباء القاتل.
وحمل المتحدث المسؤولين عن الصحة العمومية المسؤولية عن ذلك. وحسب تعبيره، فإن «المكلفين السهر على الصحة العمومية للمواطن يقومون بعملهم من خلف المكاتب، فتحولت مهمتهم لمهنة إدارية وليست ميدانية».
واعتبر أن أهم إشكال يهدد الصحة العمومية في الجزائر هو غياب النظافة، والعشوائية في توصيل شبكات المياه بالنسبة للمساكن الفوضوية، حيث تختلط مياه الصرف الصحي مع مياه الشرب؛ ما يسبب كوارث على الصحة العامة.
إلى ذلك حمل رئيس عمادة الأطباء الجزائريين المسؤولية لكل الجزائريين حكومة وشعبا، بسبب قلة النظافة التي يعاني منها المحيط الجزائري، وفي تعريفه لداء الكوليرا، قال بقاط أنه مرض خطير ومعدي ومن أعراضه الإسهال والتقيؤ بشكل كبير.
وشدد رئيس عمادة الاطباء على ضرورة عدم التساهل في التعامل معه وضرورة الانتقال بسرعة كبيرة للمستشفى من أجل تلقي العلاج.
في المقابل شهدت المحلات ندرة مفاجئة في مادة المياه المعدنية التي سارع المواطنون لاقتنائها وتعويض مياه الحنفيات بها خوفا من كون الماء مصدرا لهذا الوباء، كما شمل التخوف فاكهة البطيخ على وجه الخصوص مما سجل عزوفا شعبيا عن اقتنائها، متوسعا إلى باقي الفواكه لانعدام الثقة في الفلاحين الذين كثيرا ما اكتشفت المصالح المختصة سقيهم بمياه الصرف الصحي، وفي انتظار انفراجة قريبة لهذا الهمّ الذي جثم على المجتمع الجزائري فجأة يرجى أن يكون الخطر دافعا للحرص المشدد على النظافة ورعاية المحيط، وحفظ البيئةالتي تئن من النفايات والإهمال البشري.