” رغم الخسارات.. الرهان باقٍ على مر الزمن”، بهذا العنوان، يفتتح علي عبدالله خليفة، رئيس تحرير «مجلة الثقافة الشعبية»، العدد (42) الصادر حديثًا، متناولاً الجهود الأهلية والرسمية في جمع مواد التراث الثقافي للمناطق والبلدان التي يصفها بالجهود الحيية المبعثرة، «أما بجهد فردي مضنٍ وأما بجهد رسمي لم يكتمل له التيسير أو التمويل»، مؤكدًا أن مختلف المؤتمرات التي نظمت من قبل مختلف الجهات، «وتعلقت بها الآمال وتمخضت عن رؤى وأفكار ونظريات وأساليب وطرائق ووسائل وخطط وبرامج للتعليم والتدريب والتأهيل بهدف التحضير لأعمال الجمع الميداني لمواد التراث الثقافي، ظل مجرد حبر على ورق».
ويضيف رئيس التحرير أن «خسران الثقافة العربية لمكون أساس من مكوناتها العريقة فادح في كل يوم يمر، ورهان هذا الجيل الذي بين يديه مختلف العلوم والتقنيات والعديد من الرؤى والأفكار والخطط المنجزة نظريًا، هو أن يبادر إلى جمع وتدوين وتحقيق وتصنيف ما بقي مبعثرًا ليتم توثيقه».
وهذا ما يدعو إليه الدكتور أحمد مرسي، في تصديره المعنون بـ«الثقافة الشعبية ومجلتها»، مستعرضًا دور «مجلة الثقافة الشعبية» في مجال حفظ وتوثيق هذا الإرث، مبينًا «إن الثقافة الشعبية العربية التي تقوم المجلة من خلال ما تنشره من أبحاث ومقالات ونصوص ومواد متعددة تتناول كل عناصرها بالعرض والتعريف والتحليل، وتعمل على تأكيد ضرورة جمع هذا العناصر وتوثيقها وصونها وتوفير الحماية القانونية لها، جديرة بأن تحتل مكانتها من اهتمام الهيئات الثقافية والمؤسسات العلمية والإعلامية وغيرها من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية».
إلى ذلك ضم العدد في أول أبوابه (باب آفاق)، مقالة تنحو نحو المقاربة الابستمولوجية، تحت عنوان «الثقافات الشعبية والبراديغم السوسيوأنثربولوجي الجديد» للباحث المغربي رشيد جرموني، مبينًا فيها علاقة الثقافة الشعبية بالأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا، ومبينًا كيف تخلقت الثقافات الشعبية، ونمت وآثرت وتؤثر في المخيال والوجدان المجتمعي.
فيم ضم (باب أدب شعبي) أربعة دراسات، بدءًا بالباحث التونسي عبدالرحمن أيوب الذي كتب تحت عنوان «من أجل منظومة تربوية عربية مشتركة للتراث الثقافي اللامادي»، فيما قدم الكاتب الجزائري ورنيقي الشايب، «لمحة عن الشعر الشعبي الجزائري» متخذًا من منطقة (الأغواط) أنموذجًا، أما الكاتب حسن بن سلميان فقدم قراءة أنتروبولوجية عن «المرأة وصورتها في المثل الشعبي التونس»، ليتلوه الباحث الأردني أمين دراوشة بـ«حديث في أدب الأسطورة».
هذا وضم باب (عادات وتقاليد)، أربعة مواضع هو الآخر، كتب أولها الدكتور اللبناني عاطف عطية، متناولاً «المعتقدات الشعبية؛ أسسها وتجلياتها في الممارسات العلمية»، فيما كتبت الدكتورة المصرية نهلة إمام، عن «أرواح التوائم» بوصفها معتقدًا شعبيًا في صعيد مصر، أما الدكتور البحريني حسين علي يحيى فقد استعرض كتاب «الأشربة الصحية في مملكة البحرين» للدكتورة فوزية سعيد الصالح، وذلك تحت عنوان «سفر الأشربة الصحية في الثقافة الشعبية البحرينية؛ مقاربة انثروبولوجية»، مبينًا في دراسته أن الذاكرة الشعبية البحرينية «تزخر بالمأثورات الصحية والدوائية التي توارثتها التداوليات العامية على شكل وصفات علاجية، أو وقائية تعكس معارف الإنسان البحريني الاستشفائية والوقائية عبر الأزمنة والعصور، وتحكي خلاصات تجاربة وخبراته».
كما ضم باب (عادات وتقاليد) دراسة عن «صورة المرأة ومكانتها والسيطرة في المجتمعات الإنسانية والمرجعيات الدينية»، للكاتبة الجزائرية نعيمة بن الشريف.
وفي باب (موسيقى وأداء حركي)، كتب الباحث اليمني محمد علي ثامر عن «العود الصنعاني اليمني»، مؤكدًا أن الحرفة المرتبطة بصناعة هذا العود تكاد تختفي.
من جانبه، تناول الباحث المصري تامر يحيى عبدالغفار «رقصات الموشحات الأندلسية» وتجلياتها في العصر الحديث.
أما باب (ثقافة مادية)، فتضمن هو الآخر دراستين؛ الأولى اتخذت من (واحات تافيلالت) نموذجًا لدراسة «التراث المعماري بالواحات المغربية، بين إشكالية التدهور وجهود رد الاعتبار»، والثانية عن «دلالات الزخارف والنقوش في السجاد اليدوي المعقود»، إذ كتب الدراسة الأولى الباحث المغربي عبدالعزيز بويحياوي، وكتب الثانية الكاتب السوري هايل القنطار.