أثارت عودة الجزائر ممثلة في وزير الرياضة، رئيس الإتحاد الجزائري لكرة القدم، وليد صادي، إلى مكانتها الطبيعية في المكتب التنفيذي للإتحاد الإفريقي لكرة القدم ” الكاف “. هلعاً و هيستيريا لدى أبواق الصحافة الرياضية المغربية.
و سار الإعلام المغربي – الذي يبدو مصدوماً من تمكّـن صادي من حسم الفوز سريعاً – على نفس نهجه القديم. فلا هو تمكّن من مُداراة غضبه و حنقه من تواجد الجزائر في مركز التأثير الأثقل في رسم مسارات الكرة الإفريقية مستقبلاً. و لا هو اعترف بأنها بداية نهاية ” إمبراطورية فوزي لقجع و زبانيته الفاسدين في الكاف “.
و لأنّ الصدمة كانت لا تُحتمل، لتزامنها مع الإنتصار المدوي الذي حققته الجزائر في القضية التي رفعتها ضدّ المحكمة الرياضية الدولية ” التاس ” ضدّ إقحام السياسة في الرياضة. من خلال اعتماد ” الكاف ” قميص نهضة بركان الذي يضمّ أراضي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، إلى أراضي المحتلّ المغربي. خرج رئيس تحرير جريدة المنتخب المغربية، بدر الدين الإدريسي، الذي كان يعُدّه كثيرون، أحد الأصوات العقلانية – القليلة – في الإعلام الرياضي المغربي. ليكشف عن وجهه الحقيقي، زاعماً من جهة أنّ تواجد وليد صادي في المكتب التنفيذي للكاف مغلّف ” بطابع سياسي “، و نتيجة ما زعم أنه ” لعبة الكواليس ” التي يعرف الجميع أنه لولاها لما أصبح المغرب يلعب مبارياته الإفريقية ذهاباً في وجدة و إياباً في مراكش. و لما نال شرف احتضان ” كان 2025 ” بملف مكوّن من مخططات ملاعب و صور ثلاثية الأبعاد، لا وجود لها على أرض الواقع.
و واصل الإدريسي كلامه المتناقض، مقللاً من هول الصدمة المغربية. ليزعم أنّ تواجد صادي لن يمكّنه من قلب موازين القوى في ” الكاف “. و يعود بالمقابل إلى التغلغل المغربي في دواليب الهيئة الكروية الإفريقية، واصفاً بأنه نتيجة ” النموذج الذي أبدع فيه ملك المغرب للتغلغل إفريقياً “. و بأنه ” نتيجة عمل مؤسساتي للدولة المغربية “. و هنا يتسائل المستمع المحايد: هل ما يراه الإدريسي حلالاً على المغرب هو حرام على الجزائر ؟
لكن وخلافاً للتطمينات التي تطلقها يميناً و شمالاً، فالصحافة المغربية ذاتها، كشفت أن لقجع – و من خلال شبكة علاقاته المشبوهة في الأوساط الرياضية الإفريقية – سعى بكلّ ما يملك من قوة لوضع العراقيل و قطع الطريق أمام وصول صادي لتنفيذية ” الكاف “، و هذا ما جاء في نفس ” الجلسة ” على لسان زميل الإدريسي في ” المنتخب ” منصف اليازغي الذي لم يكشف سراً عندما قال أنّ المغاربة ” سعوا في أديس بابا بإثيوبيا، بكل الطرق لدعم المترشح التونسي حسين جنيح، عبر اتصالات وتحالفات سرية لقطع الطريق على صادي، قبل أن يتراجع جنيّح عن الترشح، وتنهار خطتهم وتتهاوى “.
و في مواصلة لتناقضات الأرمادة الإعلامية المغربية التي تدور في فلك لقجع، يتحدث الإدريسي بنبرة غاضبة عن ” القبعة المزدوجة ” التي يحملها صادي كوزير في الحكومة الجزائرية و رئيس لـ ” الفاف “، متناسياً أنّ لقجع نفسه وزير مقرب من محمد السادس و رئيس للجامعة الملكية لكرة القدم، و هنا نعود لطرح ذات السؤال : هل ما يراه الإدريسي حلالاً على لقجع، هو حرام على الجزائري صادي ؟
و في سياق كشف السر وراء تهجم الإعلام المخزني على وليد صادي، قبل حتى أن يباشر مهامه في تنفيذية الكاف، كشف الصحفي الجزائري نجم الدين سيدي عثمان، أنّ المغربي لقجع ترشح لعضوية “الفيفا” لأنه كان مطمئنًا أن التونسي جنيّح سيمر إلى “الكاف” بمساعدته، ليحقق انتصارًا مزدوجًا، كونه يرى في فشل الجزائر انتصاراً. ولو علم أن صادي (الذي ترك آخر لحظة ليترشح) سيعبر بسلاسة تامة على بساط مفروش، لترك سباق “فيفا” أصلا لينافسه ويقطع عليه الطريق “.
الهجوم المغربي على وصول صادي للمكتب التنفيذي لـ ” الكاف ” لن يكون سوى البداية، كما أن حكم المحكمة الرياضية الدولية بلوزان لصالح اتحاد العاصمة لن يكون سوى البداية، بداية عودة الجزائر لمكانها الطبيعي لتقول كلمتها في دواليب الرياضة الإفريقية، و بداية نهاية ” إمبراطورية الفساد ” التي أسسها فوزي لقجع في العشرية الأخيرة.
يوسف/ح